النوافذ التي تسكننا
قبل أن يضع الإنسان بابًا لمنزله، كان هنالك نافذة.
لطالما كانت النافذة موجودة في وقتنا الحالي، ولكن بدأت بالتساؤل عن سبب وجودها ولماذا صنعت من الأساس.
والإجابة المنطقية أنها صنعت لدخول الهواء والضوء إلى المنزل.
فلماذا نضع نحن النوافذ بوجود المكيفات والإنارة؟
هذا ما جعلني أبحث في تاريخ النافذة أو الشبّاك، «وكلاهما صحيح؛ فالنافذة ما نُفِذ منه ضوء أو هواء إلى الغرفة، والشبّاك من الشبك الذي يُوضَع أو بسبب شبك نهاية على نهاية».
لم تكن النافذة إلا مصدرًا للضوء والهواء فقط، حتى أتت القفزة العظمى في الدولة الرومانية، وتحديدًا في الإسكندرية المصرية، واُكتشف الزجاج. وهنا تغير كل شيء؛ فلم تعد النوافذ فقط للضوء والهواء، بل دخلت حيز الجماليات وأصبحت المنازل لا تكتمل بدونها.
فالذي يجعل الإنسان بحاجة لنوافذ نفسية هو أن باب الخروج من الحياة واحد، وهو الموت.
فنحتاج نافذة تُطل على المستقبل القريب لنرى حالنا المتوقع ونتفاءل به، ونافذة تُطل على الماضي السعيد لنستعيد تلك الذكريات الرائعة، وأخرى على تلك الصعاب التي واجهتنا لكي نتعلم ولا ننسى.
والحاضر بطبيعة الحال هو منزلنا الذي نعيش فيه.
منذ طرأ هذا التساؤل على بالي وأنا أتأمل كل نافذة تمر أمامي أو أمرّ أمامها، وأُصوّر بعضها وأضيع في الآخر. ومن حسن حظي أني كنت في قريتنا، ومضيت أتأمل البيوت القديمة ونوافذها، وكيف أنها لم تكن كبيرة أبدًا، بل كانت تنفذ ما هو مطلوب منها.
لا أعتقد أن تلك النوافذ كانت أكثر من مصدر للضوء في زمن لم يُكهرب، ومصدر للهواء في زمن لم يُكيّف.
وعلى الصعيد الآخر، أرى تلك المنازل الحديثة بتصاميمها المودرن، ونوافذها الممتدة من جدار إلى آخر. لا أعلم سببها، أهي دعوة لضوء الشمس من أوسع النوافذ، أو هي رغبة في رؤية العالم بنافذة أكبر. أو أن هموم الإنسان أصبحت تحتاج لمساحة أكبر.
لا أتخيل الحياة بدون نوافذ، حتى لو لم نعد نحتاج الضوء والهواء.
الفكرة وحدها تخنقني.
تعليقات
إرسال تعليق