المشاركات

سيرة ذاتية للبيع

سيرة ذاتية للبيع لن نعلم أخرجنا عن خطة الحياة المفروضة أو أننا لم نلعب أوراقنا الصحيحة إلّا عند رؤية النتيجة أو رؤية بصيص النهاية. في طريق الحياة هناك إشارات من ينتبه لها يستطيع الوصول إلى بر الأمان بأقل التضحيات وبرؤية تكاد تنعدم فيها الضبابية. وسؤال «هل أنا في المكان الصحيح؟» يجوب بالي أحيانًا كثيرة حتى لو كنت في قمة نجاحي. أمّا إشارات حياتي لم تكن واضحة واختياري الأخير كان عاطفيًا بحتًا. أتذكر أنّي كنت أحب التصوير ليس الفعل نفسه بل أن أُصوّر وأن أرى بعد ذلك الفيلم البنّي تحت أشعة الشمس بكل متعة قبل يذهب به أبي إلى الاستديو. وبحكم بُعد الاستديو وأخذه للكثير من الوقت فقد كانت تتراكم تلك الأفلام دون تحميض وتتراكم صناعتنا أنا وأمي وأبي للذكريات. لا أعلم أن كنت بدأت التصوير حينها فلم أكن أستطيع الإمساك بالكاميرا والمشي في آن واحد. ملّت أمي توثيق لحظاتنا بعد أن كثر إخوتي فأصبح تصوير الكاميرا مرهق ولا يسوى فالجوال يكفي ويسدّ. لم أكن أشاهد المسلسلات والأفلام في بيتنا لأن والديّ لا يفضلونها فكنت إن لم أشاهد أفلام الكرتون فأنا أشاهد نشرات الأخبار، وقد تحولت إشارات الحياة النابعة من ثقب الكا...

الموت

الموت    ‏الموت قريب من الجميع فهو على بعد شهقة واحدة، رمشه واحدة، ثانية واحدة. أقرب من أن يُرى بالعين المجردة. لا تراه الّا عند حدوثه ولن تتوقع حدوثه أبدًا. إياك ومحاولة التجهز له، فسيقتلك الموت قبل ان تواجهه. ولدت بعد موت رفيق والدي المفضل، وأفضل أخوة أمي الذي توفى قبل أن آتي على الدنيا بشهرين او أكثر. في ثالث أيام العيد حيث لم تكن السعادة حاضرة بسبب حالة الوفاة. وطأت على الدنيا في بيئة مليئة برائحة الموت ولم أكن أعلم عنه شيئا. فأنا لم ألتقه بعد . أول لقاء بيني وبين الموت مازلت أتذكره وكأنه حدث بالأمس، أعود بالزمن سنينًا في لحظة واحده لأتذكره، أتذكر استيقاظي في صباح أحد أيام الاجازة وقد وجدت نساءً لا أعرفهم في بيت جدي، نساءً حزينات مكتسيات السواد يبكن. لم أكن أعلم ان البكاء ممكن للكبار حينها، وشعرت بأن منزلنا لم يكن منزلنا فهرعت لأمي فهي الوجه الوحيد الذي أميزه وسط كل ذلك السواد. أمي تبكي؟ وتحاول أن تهدي نفسها لتخبرني بأن جدي مات!!! لم أكن أعرف ما هو الموت فسألت بكل سذاجة "فين بابا؟" لم يكن لدي أي تصور عن الموت فظننته يأخذ أباء الناس. طمنتي وقالت إن أبي بخير وأنه ذاهب ل...

النظام

  ميزة أن تكون أول الواصلين من إخوتك لهذه الحياة هي إعطاء والديك رفاهية تعلّم التربية عليك، فلا رقيب ولا حسيب، وإذا كنت ولدت في مثل وقتي فلا خيار لديهم الا التعلم بالمحاولة والخطأ حيث أن الانترنت لم يكن في كل زاوية.    فكأول طفل لشاب وشابة لم يبلغا عمري الآن، لابد أنّي كنت مصيبة أو كارثة حلت في منزلهم، فلا توجد وسيلة تواصل بيننا فأنا لا أعرف الا الصياح ولا عقل يعمل لأفهم ما يريدان مني ولا خبرات حياتية سابقة من كلا الجهتين. ولكن على العكس كانا يطيران من الفرحة كلما فعلت حركة جديدة. وكانا يبدّيان رغباتي على رغباتهم.   بدأت بالمشيء والقاء كلمات غير مفهومة دالة على رغبات شخصية، فها أنا أصبح كارثة متحركة مزعجة، وأصبحت حركاتي الغير متوقعة في أوقات غير مناسبة تجعلهم يشتطون غضبًا بدل الطيران فرحًا. وكعادة الانسان عندما يواجه معضلة لأول مره فهو يلجأ لوسائل الدفاع المتاحة له، أو إلى الأسلوب الذي عاش حياته عليه حتى هذا الوقت.    وطبيعة والدي العسكرية التي لا تعرف الا تنفيذ الامر المطلوب من الجندي الصغير، لم تكن تفلح معي ابدًا فلا ق...

خطة البداية

٢٨ ديسمبر ١١:٠٢ صباحا   سأكمل السنة محاولا فيها ان اكتب بشكل مستمر، لكي يتدرب قلمي على ما خُلق لأجله. تعرّيت نفسيا إن صح التعبير، ظنًا منّي أن التعري والحديث عن مجريات الحياة وإن كانت قليلة ستجعلني أستمر في الكتابة وقد فعلت. ولكن هذا النوع من التدوين لا يناسب حياتي الروتينية وسأضطر لأن أدخل في تفاصيل التفاصيل لكي أستطيع أن أكمل الكتابة.    لذلك أول قرارات السنة الجديدة بعد أن علمت أن قلمي له نفسٌ طويل في الكتابة أن تكون تدوينات السنة الجديدة عن مواضيع بعينها أختارها أو تقترحونها لي فلدي ١٢ موضوعا أساسيا. وإن حدث شيء يستحق ان يكتب عنه فيه أيامي العادية حُشِيَ بينها. فالهدف الأسمى من تدويناتي هذه أن يكون قلمي جاهزًا عندما احتاج اليه، فقد خذلني مرات لا أحصيها بسب خذلاني له في السابق.   دعوني أتحدث عن ٢٠٢٤ بيني وبينكم، فهي مليئة بالتجارب والاحداث حتى بدأ شعور أني لم أعش قبلها. فهي أكثر سنة أقوم فيها بفعل أشياء كثيرة لأول مرة في حياتي البسيطة، أشياء لم أجربها من قبل والسبب هو تأجيل المتع لما تبقى من الحياة خوفًا مني بأن حياتي المستقبلية ستكون...